newmultkaschool
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

newmultkaschool

ملتقى الأبحاث الاتاريخية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدولة الفاطمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 206
تاريخ التسجيل : 22/11/2010

الدولة الفاطمية Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية   الدولة الفاطمية Emptyالأحد ديسمبر 05, 2010 1:56 am

الدولة الفاطمية

المؤلف
د/ علي محمد محمد الصلابي

الفصل الأول: الدولة الشيعية في الشمال الإفريقي

المبحث الأول
الشــــــــيعة فـــي اللغـــــــــة
قال الجوهري رحمه الله: «شيعة الرجل: أتباعه وأنصاره, يقال: شايعه كما يقال: والاه من الولي.. وتشيع الرجل أي: ادعى دعوى الشيعة, وتشايع القوم صاروا شيعًا, وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع, وقوله تعالى: +كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ" [سبأ:54] أي بأمثالهم من الأمم الماضية( ).
وجاء في المصباح المنير: «والشيعة: الأتباع والأنصار, وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة, ثم صارت الشيعة نبزًا – أي وصفًا- لجماعة مخصوصة, والجمع: شِيَع مثل سِدْرة وسِدَر, والأشياع جمع الجمع, وشيعت رمضان بست من شوال أتبعته بها»( ).
فالشيعة: من حيث مدلولها اللغوي تعني: القوم والصحب والأتباع والأعوان, وقد ورد هذا المعنى في بعض آيات القرآن الكريم كما في قوله تعالى: +فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ" [القصص:15].
وقال تعالى: +وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ" [الصافات:83].
فلفظ الشيعة في الآية الأولى تعني القوم, وفي الثانية: تشير إلى الأتباع الذين يوافقون على الرأي والنهج ويشاركون فيهما( ).
أولاً تعريف الشيعة اصطلاحًا:
كلمة «شيعة» اتخذت معنى اصطلاحيًا مستقلاً, حيث أطلقت على جماعة اعتقدوا أن الأمامة ليست من المصالح العامة التي ترجع إلى نظر الأمة, ويتعين القائم بها بتعيينهم, بل إنها ركن الدين وقاعدة الإسلام, ولا يجوز لنبي إغفالها ولا تفويضها إلى الأمة, بل يجب عليه أن يعين الإمام للأمة( ).
فقد قال أبو الحسن الأشعري في صدد ذكره للشيعة: «وإنما قيل لهم الشيعة: لأنهم شايعوا عليًا - رضوان الله عليه- ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله ×»( ).
وقال عبد الرحمن بن خلدون: «اعلم أن الشيعة لغة هم الصحب والأتباع, ويطلق في عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف على أتباع علي وبنيه
-رضي الله عنهم- ومذهبهم جميعًا متفقين عليه أن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة, بل يجب عليه تعيين الإمام لهم ويكون معصومًا من الكبائر والصغائر, وإن عليًا  هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم, لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة, بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة»( ).
ثانيًا: تعريف الرافضة:
الرفض لغة: الترك, وقد رفضه يرفضه رفضًا.
قال الأصمعي: «سموا بذلك لتركهم زيد بن علي »( ).
فالرفض في اللغة معناه الترك والتخلي عن الشيء.
وأما في الاصطلاح: هم قوم من الشيعة سموا بذلك؛ لأنهم تركوا زيد بن علي, قال الأصمعي: «كانوا بايعوه ثم قالوا له: ابرأ من الشيخين نقاتل معك, فأبى, وقال: كانا وزيري جدي فلا أبرأ منهما, فرفضوه, وارفضوه عنه فسموا رافضة»( ).
قال عبد الله بن أحمد -رحمه الله-: قلت لأبي: «من الرافضي؟ قال: الذي يشتم ويسب أبا بكر وعمر»( ).
ثالثًا: سبب تسميتهم بهذا الاسم:
عندما خرج زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم على هشام بن عبد الملك كان في جيشه من يشتم أبا بكر وعمر فمنعهم, فرفضوه, ولم يبق معه إلا مائتا فارس, فقال لهم – أي زيد بن علي-: رفضتموني, قالوا: نعم, فبقى عليهم هذا الاسم( ), وكان ذلك في سنة ثنتين وعشرين ومائة. يقول ابن كثير
– رحمه الله- في صدد بيانه ما حدث في هذه السنة: «فيها كان مقتل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, وكان سبب ذلك أنه لما أخذ البيعة ممن بايعه من أهل الكوفة أمرهم في أول هذه السنة بالخروج والتأهب له, فشرعوا في أخذ الأهبة لذلك, فانطلق رجل يقال له سليمان بن سراقة إلى يوسف بن عمر نائب العراق فأخبره –وهو بالحيرة يومئذ- خبر زيد بن علي هذا, وكان معه من أهل الكوفة, فبعث يوسف ابن عمر يطلبه ويلح في طلبه, فلما علمت الشيعة ذلك اجتمعوا عند زيد بن علي فقالوا له: ما قولك –يرحمك الله- في أبي بكر وعمر؟ فقال: غفر الله لهما, ما سمعت أحدًا من أهل بيتي تبرأ منهما, وأنا لا أقول فيهما إلا خيرًا, قالوا: فلم تطلب إذًا بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر, ولكن القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه, ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرًا, وقد ولوا فعدلوا وعملوا بالكتاب والسنة, قالوا: فلم تقاتل هؤلاء إذًا؟ قال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك, إن هؤلاء ظلموا الناس وظلموا أنفسهم, وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه × وإحياء السنن وإماتة البدع, فإن تسمعوا يكن خيرًا لكم ولي, وإن تأبوا فلست عليك بوكيل, فرفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه, فلهذا سموا الرافضة من يومئذ»( ).
وبهذا يتبين سبب تسميتهم بالرافضة, لرفضهم زيد بن علي الذي منعهم من سب الشيخين رضي الله عنهما, وأصبحت كلمة الرافضة تطلق على كل من غلا في مذهب الشيعة وأجاز الطعن في الصحابة.
رابعًا: بداية نشأة التشيع:
تذكر كتب التاريخ أن أول من زرع فكرة التشيع في الأمة رجل يهودي يقال له: عبد الله بن سبأ, أظهر الإسلام للطعن فيه, وكان ذلك زمن الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان , وتنقل ابن سبأ بين المدينة والبصرة والكوفة ومصر والشام, والتف حوله المفسدون والحاقدون من المنافقين والجهال بحقيقة الدين.
ونشط ابن سبأ المعروف بابن السوداء في بث فكرتين أساسيتين لأهدافه اليهودية هما:
الأولى: دعوته إلى اعتقاد رجعة النبي × وكان يقول: «عجبًا ممن يزعم أن عيسى سيرجع ويكذب بأن محمدًا سيرجع, وقد قال الله تعالى: +إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ" [القصص:85].
الثانية: دعوته إلى اعتقاد «أن لكل نبي وصيًا وعلي وصي لمحمد, ومحمد خاتم الأنبياء, وعلي خاتم الأوصياء, ومن أظلم ممن يمنع وصية رسول الله × ووثب على حق وصيته وتناول أمر الأمة».
وأرسل ابن سبأ أصحابه وأتباعه في الأمصار ليكتبوا ظلمًا وزورًا وبهتانًا للطعن في الولاة, وينسبوا ذلك لخليفة المسلمين وحثهم على الظهور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, حتى يلتف حولهم العوام, وزوروا رسائل نسبوها إلى عثمان  للدس والوقيعة بين الأمة وخليفتها وولاتها.
وهيَّج الأمصار واستجاب أهل البصرة والكوفة ومصر لأهدافه القريبة, وكان من نتائج دسائسه قتل الخليفة الراشد عثمان  بغير حق ظلمًا وعدوانًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- مبينًا أن ابن سبأ أول من أحدث الرفض والغلو المذموم, قال: «وأصل الرفض من المنافقين والزنادقة فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه, وادعى العصمة له»( ).
وذكر أيضًا: «أن ابن سبأ المنافق الزنديق أراد فساد دين الإسلام, وأراد أن يصنع بالمسلمين ما صنع بولس بالنصارى, لكن لم يتأت له ما تأتى لبولس لضعف النصارى وعقلهم, فإن المسيح عليه السلام رُفع ولم يتبعه خلق كثير يعلمون دينه, ويقومون به علمًا وعملاً, فلما ابتدع بولس ما ابتدع من الغلو في المسيح اتبعه على ذلك طوائف وأحبوا الغلو في المسيح, فقام أهل الحق فخالفوهم وأنكروا عليهم فقتلت الملوك بعضهم, وبعضهم اعتزلوا في الصوامع والأديرة, وهذه الأمة ولله الحمد لا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق, فلا يتمكن ملحد ولا مبتدع من إفساده بغلو أو انتصار على الحق, ولكن يضل من يتبعه على ضلاله»( ).
ولوضوح خبثه وكيده وشدة حقده على الإسلام والمسلمين لم يذكره أحد من أهل الإيمان بخير, وإنما وصفوه بأنه أول من سن لأهل الخذلان النيل من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما, ووصفوه بالخبث والكذب والنفاق والزندقة وبأنه ضال مضل.
ذكر ابن حجر من طريق أبي إسحاق الفزاري أن سويد بن غفلة دخل على عليٍّ في إمارته, فقال: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر ويرون أنك تضمر لهما مثل ذلك, فقال علي: ما لي ولهذا الخبيث الأسود, ثم قال: معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل, ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ فسيره إلى المدائن, وقال: لا يساكنني في بلدة أبدًا, ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس, ثم أثنى على الشيخين ثناء طويلاً, وقال في آخره: «ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفترى»( ).
وتذكر بعض الروايات أن عليًا  هم بقتله ودعا بالسيف, فكلم فيه, فقال: لا يساكنني ببلد أنا فيه, فسيره إلى المدائن( ).
وذكر ابن عساكر بإسناده إلى أبي الجلاسي قال: سمعت عليًا يقول لعبد الله السبئي: «ويلك, والله ما أفضى إليَّ بشيء كتمه أحد من الناس وقد سمعته يقول: «إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابًا» وإنك لأحدهم»( ).
فعلي  حكم على ابن سبأ بأنه خبيث, وهم بقتله, ولما تراجع عن قتله نفاه إلى المدائن, وبين بأنه أحد الدجالين.
وقال الحافظ الذهبي في شأن ابن سبأ: عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل, أحسب أن عليًا حرقه بالنار, وزعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه علي فنفاه علي بعد ما هم به»( ).
وقال الحافظ ابن حجر بعد أن أورد روايات في ذمه: «وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ, وليست له رواية ولله الحمد, وله أتباع يقال لهم السبئية يعتقدون إلهية علي بن أبي طالب, وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته»( ).
قلت: والحرق بالنار منهي عنه شرعًا, كان يكفي قتلهم بالسيف.
وبذلك يتضح للقارئ الكريم أن ابن سبأ اليهودي هو أول من زرع فكرة التشيع وقال بالرجعة والوصية وتلقفها عنه أتباعه وبعض من قلت بضاعتهم من العلم والهدى( ).
والدارس للتاريخ يتضح له أن الأمة في هزاتها العنيفة يكون سببها رجالاً حاقدين على الإسلام, يتقنون دور التخفي بين أوساط المسلمين ولا يكلُّون ولا يملون من بذر ونشر أفكارهم الشيطانية المناهضة للعقيدة الإسلامية المنبثقة من كتاب الله وسنة النبي ×.
* * *

المبحث الثاني
التعريف بأهم فرق الشيعة

إن علماء الفرق صنفوا كتبًا كثيرة في فرق الشيعة, ورأيت في بحثي أن أذكر أسماء ولا أتعرض بالتفصيل منها إلا للباطنية لكونها حكمت الشمال الإفريقي, والاثنى عشرية, لكونها لها دولة حاليًا تقوم بنشر ودعم المذهب الشيعي, وللنصيرية لكونها تحكم سوريا منذ بداية السبعينيات حتى الآن. ومن فرق الشيعة التي ذكرها علماء الفرق:
السبئية, والغرابية, والبياتية, والمغيرية, والهاشمية, والخطابية, والعلبائية, والكيسانية, والزيدية الجاردوية, والسليمانية, والصالحية, والبترية, وبعض هذه الفرق غالت غلوًا عظيمًا, والبعض الآخر أقل غلوًا, ومن أراد الاستزادة فليراجع مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري, والملل والنحل للشهرستاني, والفَرق بين الفِرق, لابن طاهر البغدادي.
أولاً: النصيرية:
وتعتبر هذه الفرق من غلاة الشيعة وينتسبون إلى محمد بن نصير المنيري وقد انبثقت هذه الفرقة من الاثنى عشرية «الرافضة», وغالوا في علي بن أبي طالب  حتى ألَّهُوه.
واشتهرت هذه الفرقة بحرب الإسلام والمسلمين وبمناصرة النصارى الحاقدين والوقوف مع التتار المفسدين, كما اشتهرت بالإلحاد في أسماء الله وآياته وتحريف كلام الله وكلام رسوله × عن مواضعه, وإليك ما قال شيخ الإسلام عن النصيرية في إجابته عن سؤال عنهم: «الحمد لله رب العالمين, هؤلاء القوم المتسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى, بل وأكفر من كثير من المشركين, وضررهم على أمة محمد × أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والإفرنج وغيرهم, فإن هؤلاء يتظاهرون عند جُهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه, ولا بأمر ولا نهي, ولا ثواب ولا عقاب, ولا جنة ولا نار, ولا بأحد من المرسلين قبل محمد × ولا بملة من الملل السابقة, بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين, يتأولونه على أمور يفترونها, يدعون أنها علم الباطن وليس لهم حد محدود فيما يدعونه من الإلحاد في أسماء الله تعالى وآياته وتحريف كلام الله تعالى ورسوله عن مواضعه» إلى أن قال: «ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائمًا مع كل عدو للمسلمين, فهم مع النصارى على المسلمين, ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار, ومن أعظم أعيادهم إذا استولى –والعياذ بالله تعالى- النصارى على ثغور المسلمين.. فهؤلاء المعادون لله ورسوله كثروا حينئذ على السواحل وغيرها, فاستولى النصارى على الساحل, ثم بسببهم استولوا على القدس الشريف وغيره, فإن أحوالهم السيئة كانت من أعظم الأسباب في ذلك, ثم لما أقام الله أمور المسلمين المجاهدين في سبيل الله تعالى كنور الدين الشهيد, وصلاح الدين وأتباعهما وفتحوا السواحل من النصارى, وممن كان بها منهم وفتحوا أيضًا أرض مصر, فإنهم كانوا مستولين عليها نحو مائتي سنة, واتفقوا هم والنصارى, فجاهدهم المسلمون حتى فتحوا البلاد... ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم.. ولهم ألقاب معروفة عند المسلمين تارة يُسمون «الملاحدة» وتارة يسمون «القرامطة» وتارة يسمون «الباطنية» وتارة يسمون «الإسماعيلية» وتارة يسمون «الخرمية» وتارة يسمون «المحمرة».
وهذه الأسماء منها ما يعمهم ومنها ما يخص بعض أصنافهم, ولا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات, وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب, فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين, والصديق وسائر الصحابة رضي الله عنهم بدأوا بجهاد المرتدين قبل الكفار من أهل الكتاب. فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك.. ويجب على كل مسلم أن يقوم بذلك على حسب ما يقدر عليه من الواجب فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه عن أخبارهم, بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله ورسوله.. والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى»( ).
وهذه الفرقة الخبيثة سمت نفسها في العصر الحاضر بالعلويين, وفي فترة الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام وقفت هذه الفرقة مع النصارى الغزاة الحاقدين, وما أخرج الاستعمار الفرنسي حتى مكنهم من سوريا, وعندما تقلدوا أمور البلاد انتقموا من أهل السنة انتقامًا تشيب منه الولدان, وتضع كل ذات حمل حملها من شدة التعذيب وزهق النفوس, واغتصاب العفائف الحرائر من نساء أهل السنة, والزج بهم وبالرجال إلى السجون, ولا يزال هؤلاء الحاقدون يتقلدون أمر عاصمة بلاد الشام, نسأل الله أن يعجل بأخذهم ويمكن لأهل دينه وشريعته.
وهم ينتشرون في جبال اللاذقية, وحماة وحمص في سوريا, وفي لواء الإسكندرونة وطرطوس وأدنة, أو أطنه «في تركيا حاليًا» وفي كردستان وغيرها( ).
ومن عقائدهم الفاسدة:
1- تأليه الإمام علي بن أبي طالب  ويعتقدون أنه يسكن السحاب, والرعد صوته, والبرق ضحكه, وهم لهذا يعظمون السحاب, ومنهم من يعتقد أن عليًا يسكن في القمر أو الشمس.
2- تناسخ الأرواح: عقيدة من عقائدهم, فالذين لا يعبدون عليًّا يولدون – في زعمهم- من جديد على شكل إبل أو حمير, أما المؤمن «وهو من يعبد عليًّا عندهم» فيتحول عندهم سبع مرات, ثم يأخذ مكانه بين النجوم, ومن ينحرف منهم يولد من جديد, حتى يتطهر ويكفر عن سيئاته( ).
وغير ذلك من العقائد الفاسدة.
ولهم أعياد يحتفلون بها يقدمون فيها النبيذ ويرتكبون الفواحش وهي: عيد الغطاس, والبربارا, وهما عيدان نصرانيان, وعيد «النيروز» وهو مجوسي( ).
ويعتبرون هذه الديانة الفاسدة سرًا من الأسرار, ونساؤهم لا دين لهن مطلقًا؛ لأنهم يعتبرونهن ضعيفات العقول لا يستطعن حفظ الأسرار, والرجل لا يطلع على سر دينه إلا بعد أن يبلغ التاسعة عشرة من عمره, فيلقن العقيدة النصيرية في جلسات خاصة ووسط مؤثرات شتى, وإرهاب فكري, وطقوس عجيبة, وتجد هذا في كتاب «الباروكة السليمانية» لسليمان الأردني الذي كان نصيريًا ثم تنصر, فألف هذا الكتاب, ولا زال به أهله حتى أماتوه شر ميتة بإحراقة حيًا( ).
والذي يجدر الانتباه له أن الدول النصرانية «أمريكا, بريطانيا, فرنسا.. إلخ» وإسرائيل يحرصون على طعن الأمة بهذه الخناجر المسمومة بتقويتها, وفي الوقوف معها حتى تصل إلى الحكم, لعلمهم أن هذا المسلك من أفضل الوسائل في إضعاف أمة الإسلام +وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" [الأنفال:30] ( ).
ثانيًا: الشيعة الاثنى عشرية:
ولهم أسماء كثيرة اشتهرت بين الناس منها: الإمامية؛ لأنهم يقولون بوجوب الإمامة بالنص الظاهر والتعيين الصادق.
ويقول صاحب كتاب «أعيان الشيعة»: إن هذا الاسم «لقب ينبز به من يقدم عليًّا عليه السلام في الخلافة وأكثر ما يستعمل للتشفي والانتقام»( ).
إلا أن الكليني الشيعي في كتابه الكافي وهو عمدة في مذهبهم, بل أعظم كتاب عندهم ينزلونه منزلة صحيح البخاري عند أهل السنة, ساق ما يدل على أنهم راضون بهذا الاسم واللقب ويكذبون على الله ويختلقون الإفك.
ويقولون: إن الله خلع عليهم اسم الروافض( ). والقوم اشتهروا بالوقاحة وعدم المبالاة بالافتراء على الله وعلى خلقه.
ومن الأسماء التي اشتهروا بها اسم «الاثنى عشرية» لقولهم واعتقادهم بإمامة اثنى عشر إمامًا وهم على الترتيب:
1- أبو الحسن علي بن أبي طالب  (ت40هـ).
2- الحسن بن علي بن أبي طالب  (ت50 هـ).
3- الحسين بن علي بن أبي طالب  (ت61هـ).
4- علي زين العابدين بن الحسين بن علي (ت95هـ).
5- محمد الباقر بن علي (ت 114هـ).
6- جعفر الصادق بن محمد (ت148هـ).
7- موسى الكاظم بن جعفر (ت 183هـ).
8- علي بن موسى الرضا (ت 203).
9- أبو جعفر محمد بن علي «الجواد» (ت 220هـ).
10- أبو الحسن علي بن محمد «الهادي» (ت 254هـ).
11- أبو محمد الحسن بن علي «العسكري» (ت 260هـ).
12- أبو القاسم محمد بن الحسن «المهدي» (ت 256هـ) ( ).
هؤلاء هم الأئمة الاثنا عشر عند الشيعة الإمامية, والشيعة الاثنى عشرية يعتقدون في هؤلاء الأئمة اعتقادات كلها غلو وإطراء وضعوها من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن معتقداتهم في أئمتهم: أنهم معصومون «من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمدًا وسهوًا, كما يجب أن يكونوا معصومين من السهو والخطأ والنسيان؛ لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم من ذلك حال النبي»( ).
ووصفوا أئمتهم بصفات جاوزوا فيها المنقول والمعقول, فعلى سبيل المثال ما ذكره الكليني في كتابه الكافي المسمى عندهم «أصول الكافي» حيث إنه عقد أبوابًا فيها أحاديث من إفكهم وزورهم كلها تضمنت غلوهم في أئمتهم.
وإليك بعض عناوين تلك الأبواب:
«باب أن الأئمة ولاة أمر الله وخزنة علمه»( ), «باب أن الأئمة هم أركان الأرض»( ), «باب أن الأئمة عندهم جميع الكتاب التي نزلت من عند الله عز وجل, وأنهم يعرفونها على اختلاف أدلتها»( ), «باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة»( ), «باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل»( ), «باب أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم»( ), «باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء»( ), «باب أن الله لم يعلم نبيه علمًا إلا أمر أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه شريكه في العلم»( ), «باب أن الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وما عليه»( ), «باب أن الإمام يعرف الإمام الذي يكون بعده»( ), «باب في أن الأئمة إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون عن البينة»( ), «باب أنه ليس شيء من الحق في أيدي الناس إلا ما خرج من عند الأئمة وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل»( ).
وهكذا أخي القارئ: نجد الغلو الممقوت عند علماء الاثنى عشرية, فإذا راجعت (مرآة العقول) للمجلسي وجدته في مستنقع الغلو الآسن وقع حيث زعم أن عصمة الأئمة فوق عصمة الأنبياء, لأنهم أعلى درجة منهم( ). وأما إمامهم المعاصر, ومرجعهم الأعلى, وآيتهم العظمى, وهو من يعرف بزعيم الثورة الإيرانية فيحتاج إلى شيء من البيان والإيضاح, لالتباس الأمر على شباب أهل السنة, بل حتى على دعاتهم وبعض علمائهم الذين انخدعوا بشعارات الشيعة البراقة لكسب أهل السنة, غير مبالين بعهود أعطوها, ومواثيق ألزموا بها أنفسهم بل غدروا بهم في إيران وقتلوهم وسجنوهم, وهدموا بيوتهم, فإذا راجعت كتاب «وجاء دور المجوس»( ) رأيت العجب العجاب في أعمالهم الشنيعة وأقوالهم القبيحة حيث إن الكتاب أجاد في كشفهم وفضحهم وبين عوراتهم ووسائلهم في التستر وعلاقتهم ببقية فرق الشيعة في وقوفهم سدًا منيعًا ضد أهل السنة.
إن الاثنى عشرية لم يحترموا عقلاً ولم يقدسوا شرعًا ولم يلتزموا نقلاً ولم يكرموا علماءهم ولا شيوخهم, بعكس أهل السنة الذين أعطوا لهؤلاء الأئمة من الحق والتكريم وإنزالهم منزلتهم التي يستحقونها, ويعجبني في هذا المقام ما قاله الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى- مبينًا عقيدة أهل السنة فيهم: «فمولانا الإمام علي: من الخلفاء الراشدين المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم, نحبه أشد الحب, ولا ندعي عصمته, ولا عصمة أبي بكر الصديق, وأبناه الحسن والحسين سبطا رسول الله × وسيدا شباب أهل الجنة, ولو استخلفا لكانا أهلاً لذلك.
وزين العابدين: كبير القدر, من سادة العلماء العاملين, يصلح للإمامة, وكذلك ابنه جعفر الباقر, سيد إمام فقيه يصلح للخلافة.
وكذلك ولده جعفر الصادق: كبير الشأن من أئمة العلم, كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور.
وكان ولده موسى: كبير القدر, جيد العلم, أولى بالخلافة من هارون, وله نظراء في الشرف والفضل.
وابنه علي بن موسى الرضا: كبير الشأن له علم وبيان, ووقعٌ في النفوس, صيَّره المأمون ولي عهده لجلالته, فتوفى سنة ثلاث ومائتين.
وابنه محمد الجواد: من سادة قومه, لم يبلغ رتبة آبائه في العلم والفقه.
وكذلك ولده الملقب بالهادي: شريف جليل.
وكذلك ابنه الحسن بن علي العسكري رحمهم الله تعالى( ). وأما الإمام الثاني عشر فقال فيه: «ومحمد هذا هو الذي يزعمون أنه الخلف الحجة وأنه صاحب الزمان, وأنه صاحب السرداب بسامراء, وأنه حي لا يموت حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً وقسطًا, كما مُلئت ظلمًا وجورًا, فوددنا ذلك –والله- وهم في انتظاره من أربعمائة وسبعين سنة( ). ومن أحالك على غائب لم ينصفك, فكيف بمن أحال على مستحيل؟ والإنصاف عزيز, فنعوذ بالله من الجهل والهذي»( ).
* * *

استمرار الاثنى عشرية في العصر الحاضر
الإمام الشيعي في العصر الحاضر ودولته التي أقامها:
تفاعل العالم الإسلامي مع المد الشيعي بعد وصوله إلى مقاليد الحكم في إيران, وإزاحة الشاه المخلوع, واستطاعت وسائل الإعلام الاثنى عشرية أن تخدع كثيرًا من المسلمين في طرحهم المعاصر, وساندتها أجهزة الإعلام الغربي, وأجاد الإمام الخميني في تمثيل الدور الماكر؛ فتعاطف كتاب وصحفيون ودعاة محسوبون على أهل السنة في تمجيد الخميني ووصفه بأنه من المجددين, بل يسير في موكب المصلحين من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب, وعبد الحميد بن باديس, ومحمد بن علي السنوسي وحسن البنا.
وبما أن تلك المقالات والكتابات أصبحت في ذاكرة التاريخ, وكانت سببًا في تضييع الحقائق لأجيال المسلمين رأيت من النصح للأمة وأبنائها أن أبين أن الخميني امتداد لمدرسة الاثنى عشرية الشيعة ذات العقائد الفاسدة والمنحرفة عن هدى الله, وأن ثورته وجمهوريته الإسلامية المزعومة جيء بها لتكون خنجرًا مسمومًا لكل محاولة جادة لتطبيق الإسلام الصحيح, بل أتيحت للثورة الإيرانية الفرصة أمام العالم لتشويه الإسلام الصافي النقي الذي جاء به محمد بن عبد الله ×.
ولكون الدولة الإيرانية امتدت في العالم الإسلامي ناشرة للعقائد الفاسدة في إفريقيا وآسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي والشمال الإفريقي, وأوروبا وأستراليا وأمريكا, وتأثر بها كثير من عوام المسلمين الذين لا يملكون فهمًا ولا علمًا ولا اطلاعًا بحقيقة أمرهم, ومرمى أهدافهم, رأيت من المناسب أن أبين عقائد هذا القديس المزعوم «الخميني ومن جاء بعده», حتى نحذر الأجيال من هذه المدرسة الشيطانية التي نخرت بنيان الأمة, ولا تزال تنخر دون كلل ولا ملل.
ومن عقائد الإمام الخميني الفاسدة ما ذكره في كتابه الحكومة الإسلامية: «وأن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب, ولا نبي مرسل», وقد ورد عنهم: «أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل»( ).
فهذا اعتراف واضح في كونه يفضل أئمة الاثنى عشرية على الأنبياء والرسل, وهذا مذهب غلاة الروافض في حكم كبار أئمة السنة.
يقول عبد الظاهر البغدادي (ت429هـ): «وزعمت الغلاة من الروافض أن الأئمة أفضل من الأنبياء ونعلم أن هذا باطل»( ).
ويقول القاضي عياض (ت544هـ): «وكذلك نقطع بتكفير غلاة الروافض في قولهم: إن الأئمة أفضل من الأنبياء»( ).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ): «والرافضة تجعل الأئمة الاثنى عشرية أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وغلاتهم يقولون: إنهم أفضل من الأنبياء»( ).
ويقول محمد بن عبد الوهاب: «ومن اعتقد في غير الأنبياء كونه أفضل منهم أو مساويًا لهم فقد كفر, وقد نقل على ذلك الإجماع غير واحد من العلماء»( ).
إن الخميني مرجعه في المعتقد والتصور الشيعي, شيوخه الذين سبقوه وواضعو هذا المنهج المنحرف, فهو يعظم ويقدس كتاب الكافي للكليني والاحتجاج للطبرسي وغيرهما, ويترحم في كتبه على المجوسي حسين النوري الطبرسي صاحب كتاب «فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب», وتجده يوثق كتابًا حوى «دعاء عليٍّ على صنمي قريش» وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما, وفيه وصف الشيخين اللذين حرفا كتابك( ), وله تفسير باطني في بعض الآيات, مثلاً في قوله تعالى: +إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" [النساء:58]. فقد أمر الله الرسول × برد الإمامة إلى أهلها, وهو أمير المؤمنين, وعليه هو أن يردها إلى من يليه وهكذا...» ( ).
وأما اعتقاده في الصحابة: فإن معتقد الاثنى عشرية: لا ولاية إلا بالبراءة من أعدائهم وهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فالخميني يرى مشروعية التبرؤ من هؤلاء الأخيار والتولي للاثنى عشرية في الصلاة, فيذكر أن المصلي يشرع له أن يقول في سجوده: «الإسلام ديني, ومحمد نبيي, وعلي والحسن والحسين –يعدهم إلى آخرهم- أئمتي, بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ»( ).
ويطعن في الصحابة لمخالفتهم النص المزعوم على إمامة علي يقول: «وفي غدير خم في حجة الوداع عينه –يعني عليًّا- النبي × حاكمًا من بعده, ومن حينها بدأ الخلاف يدب في نفوس القوم»( ).
وكتابه الحكومة الإسلامية وغيره من كتبه مليئة بالانحراف عن الصراط المستقيم, فالخميني لا يختلف في اعتقاده عن الرافضة إن لم يكن أشد غلوًا وشططًا, ونشط الخميني قبل وفاته محاولاً بسط سلطان الشيعة على شعبه بالقوة, وقامت دولته بتصدير الثورة كما يقولون, واعتمدت الشيعة على المراوغة والكذب والتضليل, وهؤلاء الجدد لا يختلفون عن شيعة الأمس في المراوغة والكيد,
وفي الغلو أيضًا.
ويعتمدون على مبدأ التقية في جلب الناس حولهم, وإليك ما قاله الخميني لأتباعه في أحد خطاباته: «لا تبعدوا الناس عنكم الواحد تلو الآخر, لا تكيلوا التهم لهم بالوهابية تارة, وبالكفر تارة أخرى, فمن يبقى حولكم إذا عمدتم إلى ممارسة هذا الأسلوب؟» ( ).
ولهذا أمر الخميني الحجاج الإيرانيين بأن يصلوا مع أهل السنة تقية منهم وخداعًا للناس, كما كان يفعل قادة الشيعة, حينما كانوا يصلون خلف أهل السنة أحيانًا ثم يعيدون صلاتهم بعد ذلك, كما صرح بهذا أحد علماء الشيعة المعاصرين, ولقد بلغ الحقد الشيعي على المسلمين, وخصوصًا أهل السنة في عصرنا الحاضر إلى حد الاستهتار بدماء المسلمين وأعراضهم وتهديد أمنهم في بيوتهم, ولعل ما فعلوه في مكة في 1407هـ أقوى شاهد على حقدهم ونظرتهم للمخالفين لهم, حينما تظاهر في حرم الله بمكة ما يقرب من مائة وخمسين ألفًا منهم, وهجموا يريدون الكعبة, وتجمعوا في مظاهرات غوغائية, وكانوا يهدفون إلى تحقيق مخطط رهيب رافعين شعاراتهم وصور زعيمهم الخميني, وتقدموا رجالاً ونساءً يريدون الحرم, لولا أن الله تعالى بفضله ومنه أفشل مخططهم وحيل بينهم وبين دخول الحرم, واشتبكوا مع المسلمين والجنود وبقية الحجاج في مذبحة عظيمة, وأوعزوا إلى أتباعهم وعملائهم في حج عام 1409هـ بعمل متفجرات حول الحرم المكي الشريف في يوم 7 من ذي الحجة وراح ضحيتها حجاج أبرياء جاءوا لأداء
فريضة الحج( ).
وأما عن تعذيبهم لأهل السنة في إيران فذكر عبد الله محمد الغريب في كتابه «أهل السنة في إيران» أنواعًا وأشكالاً من التعذيب والتنكيل والقتل والاغتصاب, وإليك بعض أساليب الاضطهاد والتعذيب والتقتيل التي اتخذها أولئك الأشرار تجاه أهل السنة في إيران:
1- ربط الأرجل بالحبال وضربها بالأسلاك.
2- ربط الأيدي من وراء, ووضع المسجون في زاوية من السجن, وصب الماء أو النفط تحته, فعلوا هذا مع عدد من المسلمين .
3- ربط المسجون وضربه في المواضع المختلفة من جسده من عشر إلى مائة وخمسين ضربة, فإن مات فذلك, وإلا فاستمروا على هذه الحالة مدة خمسة عشر يومًا.
4- يضعون المسجون في الاصطبل ويتركونه إلى أن يموت.
5- ومن أنواع التعذيب سلخ جلد الرأس وثقبه وثقب العين بالمثقب وإحراق الأسير حيًا وتقطيع الأعضاء وقلع الأظفار( ).
وهذا قليل من كثير, إنهم يبغضون الصحابة, ويشككون في القرآن, ويطعنون في السنة, فماذا ننتظر منهم؟؟!.
هل يمكن التقريب بين أهل السنة والشيعة؟
إن كل محاولات التقريب بين السنة والشيعة باءت بالفشل؛ لأن الخلاف بيننا وبينهم في الأصول وليس في الفروع.
ولن يجتمع السنة والشيعة إلا إذا تخلى أحد الطرفين عن معتقده.
فإن علماء الشيعة يرون التقريب مع أهل السنة, عندما يشتم أهل السنة الصحابة ويعتقدون معتقداتهم الباطلة, وهذا ما خرج به الشيخ الدكتور مصطفى السباعي من تجربته في هذا الموضوع مع أحد شيوخ الشيعة, واسمه عبد الحسين شرف الدين الموسوي حيث إن الدكتور السباعي كان متحمسًا لفكرة التقريب واتصل بسياسيين وأدباء وتجار, وأعطوه عهودًا وكلامًا معسولاً وعلى رأسهم الشيخ الشيعي عبد الحسين الذي كان متحمسًا ومؤمنًا بها, وإذا بالشيخ الموسوي يخرج كتابًا في أبي هريرة  مليء بالسباب والشتائم, بل انتهى فيه إلى القول: «بأن (أبا هريرة ) كان منافقًا كافرًا وأن الرسول قد أخبر عنه بأنه من أهل النار»( ).
يقول السباعي: «لقد عجبت من موقف عبد الحسين في كلامه, وفي كتابه معًا, ذلك الموقف الذي لا يدل على رغبة صادقة في التقارب ونسيان الماضي»( ).
وإن أهداف الشيعة من مسألة التقريب: أن يفتح لهم مجال لنشر عقائدهم في ديار السنة, وأن يستمروا في طعن الصحابة الكرام, وأن يسكت أهل السنة عن بيان الحق, وإن سمع الروافض صوت الحق يعلو ماجوا وهاجوا قائلين: إن الوحدة الإسلامية في خطر.
تجربة الشيخ موسى جار الله:
إن موسى جار الله من تركستان, قازاني روسي, وصل إلى منصب شيخ مشايخ روسيا, كان في نهاية العهد القيصري, وبداية الحكم السوفيتي الملحد, وكان صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في أمور مسلمي روسيا الذين كانوا يزيدون على الثلاثين مليون نسمة, ثم هب عليه إعصار الشيوعية فأصبح بعيدًا عن دياره وأهله, له تآليف ورسائل وكتب, تنقل بين الهند والحجاز ومصر والعراق وإيران, قال عن نفسه: «كان بوسعي أن أغدو كاتب روسيا الأول وأحد زعماء الطليعة فيها لو أنني تخليت عن إيماني, ولكنني آثرت أن أشتري الآخرة بالدنيا....» ( ).
وهذا العالم الجليل مُلم بلغات منها الفارسية, والتركية, والتترية, والروسية, وتضلع في اللغة العربية, وتعلم أصولها وصرفها ونحوها وبيانها وقريضها, فلا تكاد تذكر أمامه مادة من مواد اللغة إلا أجابك على الفور عما إذا كانت وردت في القرآن أم لا, وكم مرة وردت وفي أي سورة, لأنه مستظهر أتم الاستظهار»( ).
فحاول هذا العالم الجليل أن يجمع شمل الأمة, وأن يوحد أهل السنة والشيعة وبذل جهودًا في هذا الجانب عظيمة, فبدأ بدراسة كتب الشيعة وطالعها باهتمام كما يذكر أنه طالع «أصول الكافي وفروعه» و «من لا يحضره الفقيه» وكتاب «الوافي» و«مرآة العقول» و «بحار الأنوار» و«غاية المرام» وكتبًا كثيرة غير
هذه الكتب( ).
ثم زار ديار الشيعة, وعاش فيها أكثر من سبعة أشهر, يزور معابدها ومشاهدها ومدارسها, ويحضر محافلها وحفلاتها في العزاء والمآتم, ويحضر حلقات الدروس في البيوت والمساجد وصحونها, والمدارس وحجراتها, وأقام بالنجف أيام المحرم, ورأى كل ما تأتي به الشيعة أيام العزاء ويوم عاشوراء».
وخرج هذا العالم الجليل بنتيجة علمية عملية وهي أن كتب الشيعة قد أجمعت على أمور لا تتحملها الأمة. واتفقت على أشياء كثيرة لا يرتضيها الأئمة ولا تقتضيها مصلحة الإسلام, وتناقض أكثر مصالح الأمة, ثم هي جازفت في مسائل كثيرة منكرة مستبعدة ما كان ينبغي وجودها في كتب الشيعة, ولا يظن بالأئمة اعتقادها»( ). ولا يتحملها العقل والأدب ودعوى الائتلاف وليست إلا كيرًا ينفخ في ضرم العداء. وكلمة التوحيد توجب اليوم على مجتهدي الشيعة نزع تلك
العقائد من الكتب لتجتث جذورها من القلوب.. وإلا فإن الكلمات هراء وأثر المؤتمرات عداء( ).
فرأى الشيخ ببصيرته النافذة وعلمه الغزير أن نقد عقائد الشيعة هو أول مرحلة من تأليف قلوب الأمة, لا تأليف بدونها( ).
وقد امتلأ الشيخ حسرة وألمًا مما رآه من منكرات في كتب الشيعة وواقعها, وكان أول مساعيه في التقريب لقاؤه مع شيخ الشيعة محسن الأمين في طهران, وجرى بينهما بعض الحديث, ثم قدم له الشيخ موسى ورقة صغيرة كتب فيها ما يلي:
1- أرى المساجد في بلاد الشيعة متروكة مهملة وصلاة الجماعة فيها غير قائمة, والأوقات غير مرعية, والجمعة متروكة تمامًا, وأرى المشاهد والقبور عندكم معبودة, ما أسباب كل هذا؟.
2- لم أر فيكم لا بين الأولاد, ولا بين الطلبة, ولا بين العلماء من يحفظ القرآن, ولا من يقيم تلاوته, ولا من يجيد قراءته, أرى القرآن عندكم مهجورًا, ما سبب سقوط البلاد إلى هذا الدرك الأسفل من الهجر والإهمال, أليس عليكم أن تهتموا بإقامة القرآن الكريم في مكاتبكم ومدارسكم ومساجدكم؟
3- أرى ابتذال النساء وحرمات الإسلام في شوارع مدنكم بلغ حدًّا لا يمكن أن يراه الإنسان في غير بلادكم.
وكان تاريخ تلك الرسالة 26/8/1934م ثم أرسل رسالة إلى علماء النجف, وأرسل الرسالة نفسها إلى علماء الكاظمية.
فكتب فيها: «أقدم هذه المسائل لأساتذة النجف الأشرف بيد الاحترام, بأمل الاستفادة, بقلب سليم صادق, كله رغبة في تأليف قلوب عالمي الإسلام( ) الشيعة الإمامية الطائفة المحقة –يعني على زعمهم( )- وعامة أهل السنة والجماعة راجيًا إجابة الأساتذة جميعًا أو فرادى, كل ببيانه البليغ, وبتوقيع يده مؤكدًا بخاتمه ومهره». ثم أورد في الرسالة ما في كتب الشيعة من أمور منكرة مشيرًا إلى أرقام الصفحات في كل ما يذكره, فذكر عدة قضايا خطيرة في كتب الشيعة تحول بين الأمة والائتلاف مثل:
1- تكفير الصحابة.
2- اللعنات على العصر الأول.
3- تحريف القرآن الكريم.
4- حكومات الدول الإسلامية وقضاتها وكل علمائها طواغيت في كتب الشيعة.
5- كل الفرق الإسلامية كافرة ملعونة خالدة في النار إلا الشيعة.
6- الجهاد في كتب الشيعة مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل حرمة الميتة وحرمة الخنزير, ولا شهيد إلا للشيعة, والشيعي شهيد ولو مات على فراشه, والذين يقاتلون في سبيل الله من غير الشيعة فالويل يتعجلون.
ثم قال الشيخ بعدما نقل شواهد هذه المسائل من كتب الشيعة المعتمدة مخاطبًا شيوخ الشيعة: هذه ست من المسائل, عقيدة الشيعة فيها يقين, فهل يبقى في توحيد كلمة المسلمين في عالم الإسلام أمل وهذه عقيدة الشيعة؟.
وهل يبقى بعد هذه المسألة, وبعد هذه العقيدة, لكلمة التوحيد في قلوب أهليها من أثر, وهل يمكن أن يكون للأمم الإسلامية, ولهم هذه العقيدة, في سبيل غلبة الإسلام في مستقبل الأيام من سعي؟.
وذكر غير ذلك من المسائل, في انحراف الشيعة ثم قال: «فتفضلوا أيها الأساتذة السادة بالإفادة حتى يتوحد الإسلام وتجتمع كلمة المسلمين حول كتاب الله المبين» فانتظر الشيخ سنة وزيادة, ولم يسمع جوابًا من أحد إلا من كبير مجتهدي الشيعة بالبصرة, قد قام بوظيفته وتفضل على بكل أجوبته في كتاب تزيد صفحاته على تسعين, وما كان كتابه إلا طعنًا في العصر الأول, وكان طعنه أشد من كتب الشيعة, ثم كتب الشيخ موسى جار الله كتابه القيم وسماه «الوشيعة في نقد عقائد الشيعة» ويقول: إنني أدافع بذلك عن شرف الأمة وحرمة الدين, وأقضي به حقوق العصر الأول عليَّ وعلى كل الأمة( ).
وتوفى هذا الشيخ الجليل بمصر سنة 1369 هـ فعليه من الله الرحمة والرضوان وجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وتعمدت هذا الإطناب لخطورة الدعوة الشيعية في العصر الحديث, حيث إنها تحالفت مع النصيرية في سوريا, ومع حزب أمل الشيعي في لبنان, وتحالفت سرًا مع اليهود والنصارى للقضاء على هذه الأمة العظيمة, كما أنني طالعت اهتمامهم البالغ بالشمال الأفريقي وغربه وحرصهم على إيصال نفوذهم إليه, والعمل على إرجاع ركامهم القديم.
ونجحوا في المغرب, وجندوا شبابًا في الجزائر, وأثروا في تونس, وتحالفوا مع ليبيا في أهدافهم الاستراتيجية في حرب العراق.
بل تأكدت وجود مجموعات لا يستهان بها من أبناء الشمال الإفريقي في إيران للتتلمذ على يد شيوخهم والرجوع بأفكارهم المسمومة إلى بلاد الفاتحين العظام مراعين في ذلك السرية والتدرج ودقة التنظيم.
واستغلوا الأحداث الدامية في الجزائر بين الحكومة وإخواننا المسلمين, فأظهر الإعلام الإيراني عطفه وتأييده للحركة الإسلامية في الجزائر, فتأثر كثير من إخواننا بهذا الإعلام المزيف الماكر الخادع.
ومن أراد من أبناء الصحوة أن يوسع مداركه وثقافته في هذا الباب فليراجع ما كتبه الشيخ سعيد حوي –رحمه الله- «الخمينية شذوذ في العقائد والمواقف» وما كتبه أحمد عبد العزيز الحمدان «ما يجب أن يعرفه المسلم عن عقائد الروافض الإمامية».
+سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ  وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ" [القلم: 45،44].
ثالثًا: الشيعة الإسماعيلية
بعد موت الإمام جعفر بن محمد الصادق افترقت الشيعة إلى فرقتين:
فرقة: ساقت الإمامة إلى ابنه موسى الكاظم, وهؤلاء هم الشيعة الاثنى عشرية.
وفرقة: نفت عنه الإمامة, وقالت: إن الإمام بعد جعفر, هو ابنه إسماعيل, وهذه الفرقة عرفت بالشيعة الإسماعيلية.
قال عبد القاهر البغدادي في شأن الإسماعيلية: «وهؤلاء ساقوا الإمامة على جعفر وزعموا أن الإمام بعده ابنه إسماعيل»( ).
وقال الشهرستاني: «الإسماعيلية امتازت عن الموسوية وعن الاثنى عشرية بإثبات الإمامة لإسماعيل بن جعفر وهو ابنه الأكبر المنصوص عليه في بدء الأمر».
قالوا: ولم يتزوج الصادق رضي الله عنه على أمه –أم إسماعيل- بواحدة من النساء, ولا تسرى بجارية كسنة رسول الله × في حق خديجة رضي الله عنها, وكسنة علي  في حق فاطمة رضي الله عنها»( ).
فالإسماعيلية إحدى فرق الشيعة, وهي تنسب إلى إسماعيل بن جعفر الصادق, ولهم ألقاب كثيرة عرفوا بها غير لقب «الإسماعيلية» منها: الباطنية, وإنما أطلق عليهم هذا اللقب لقولهم بأن لكل ظاهر باطنًا, ولكل تنزيل تأويلاً, ويطلق عليهم القرامطة, وقد عرفوا بهذين اللقبين في بلاد العراق, ويطلق عليهم في خراسان «التعليمية والملحدة», وهم لا يحبون أن يعرفوا بهذه الأسماء, وإنما يقولون: نحن الإسماعيلية لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم»( ).
أ- خطر المذهب الباطني على الأمة:
اعلم أخي الكريم أن المذهب الباطني من الأسباب التي أضعفت الأمة, وأنهكت قواها, لقد أدخل أهله عقائد فاسدة مبنية على الفلسفة القديمة, والأصول الإلحادية, فخدعوا ضعاف العقول, والذين لا حظ لهم من المنهج الرباني القويم, وتحالفوا مع النصارى والتتار ضد الإسلام والمسلمين. وعندما قوت شوكتهم وأقاموا دولة البحرين فعلوا ما تقشعر منه الجلود, وتشيب منه الرؤوس من قتل وسفك ونهب واغتصاب.
بل تجرؤوا على حجيج بيت الله الحرام, ففعل أبو طاهر الجنابي بالحجيج أفاعيل قبيحة, فدفن منهم في بئر زمزم الكثير, ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم من الحرم, وفي المسجد الحرام.
وعندما أقاموا دولتهم في الشمال الإفريقي أظهروا عقائدهم الفاسدة, وقتلوا العلماء, وأذلوا أهل السنة, وهذا ما سوف نعرفه؛ لأنه من صميم البحث.
إن العلامة البغدادي أوجز عداوة الفرق الباطنية للإسلام والمسلمين فقال: «اعلموا -أسعدكم الله- أن ضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس, بل وأعظم من الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم, بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر آخر الزمان؛ لأن الذين ضلوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يضلون بالدجال من وقت ظهوره؛ لأن فتنة الدجال لا تزيد مدتها عن أربعين يومًا, وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر»( ).
وذكر ابن كثير أعمالهم التي قادها أبو طاهر الجنابي الباطني حين وصل مكة فقال: «فانتهب أموالهم واستباح قتالهم, فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقًا كثيرًا, وجلس أميرهم أبو طاهر -لعنه الله- على باب الكعبة والرجال تصرع حوله, والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام, في الشهر الحرام, في يوم التروية الذي هو من أشرف الأيام وهو يقول:
أنـــا اللـــه وباللــــه أنــا أنــا أخلــق الخــلق وأفنيـهم أنـا
فكان الناس يفرون منهم, فيتعلقون بأستار الكعبة, فلا يجدي ذلك عنهم شيئًا, بل يقتلون وهم كذلك, ويطوفون فيقتلون وهم في الطواف.. إلى أن قال: «فلما قضى القرمطي -لعنه الله- أمره, وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم, ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام, وهدم قبة زمزم, وأمر بقلع باب الكعبة, ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه....» ( ), وقد حدد بعض العلماء عدد من قتل بثلاثة عشر ألف نسمة وقيل: زهاء الثلاثين ألفًا( ) وكان ذلك سنة 317هـ.
وأما متى ظهر مذهب الباطنية فاختلف العلماء في ذلك, فبعضهم قال سنة 205هـ, والبعض الآخر يرى سنة 250 هـ, ونتيجة للسرية المفروضة على أتباع هذا المذهب يتعذر التحديد الدقيق لزمن ظهورهم, وإن كانت أقوال العلماء تترجح ما بين سنة 200هـ, أي بعد انتشار الإسلام وإعزاز أهله, وانطفاء نار المجوسية واندحار اليهودية, واندثار الأصنام الوثنية, وانهزام الأمة الصليبية, فأكل الحسد قلوب الخارجين عن الإسلام من هذه الأمم المهزومة, وبدؤوا يخططون في الخفاء بطريقة ينفسون فيها عن أحقادهم للطعن في الإسلام وأهله, ورفع راية
الشيطان وحزبه, فاتخذوا لهذا الهدف الدنيء عدة أقنعة تستروا بها لتحقيق ما يهدفون إليه منها:
1- اعتمادهم على تأويل النصوص تأويلات تنافي ما يقرره الإسلام ويأمر به.
2- إظهار مذهب التشيع لعلمهم بأن مذهب التشيع يحتمل كلامهم, إذ لم يجدوا مدخلاً إلى الإسلام إلا من جهة إظهار التشيع والانتساب إلى المذهب الشيعي, وقد تم تأسيس هذا المذهب فيما يذكر الغزالي كما يلي: «تم في اجتماع لقوم من أولاد المجوس والمزدكية من الثنوية الملحدين, وطائفة كبيرة من ملاحدة الفلاسفة المتقدمين –زاد الديلمي- وبقايا الخرمية واليهود.. جمعهم نادو شنو( ) في حيلة يدفعون بها الإسلام» وقالوا: إن محمدًا غلب علينا, وأبطل ديننا, واتفق له من الأعوان ما لا نقدر على مقابلتهم, ولا مطمع لنا في نزع ما في أيدي المسلمين من المملكة بالسيف والحرب, لقوة شوكتهم وكثرة جنودهم, وكذلك لا مطمع لنا فيهم من قبيل المناظرة لما فيهم من العلماء والفضلاء والمتكلمين والمحققين, فلم يبق إلا اللجوء إلى الحيل والدسائس, ثم اتفقوا على وضع حيل وخطط مدروسة يسيرون عليها لتحقيق أهدافهم.
ومن وسائلهم في تحقيق الأهداف الدخول على المسلمين عن طريق التشيع, وعلى مذهب الرافضة, وإن كان هؤلاء الباطنيون يعتبرون الروافض أيضًا على ضلال, إلا أنهم رأوهم -علىحد ما ذكر الغزالي- أقل الناس عقولاً, وأسخفهم رأيًا, وألينهم عريكة لقبول المحالات, وأطوعهم للتصديق بالأكاذيب المزخرفات( ), وأكثر الناس قبولاً لما يلقى عليهم من الروايات الواهية الكاذبة, فتستروا بالانتساب إليهم ظاهرًا للوصول إلى إضعاف الناس, فكان ظاهرهم الرفض, وباطنهم الكفر المحض, كما ذكر الغزالي ( ), أوكما قال بعض العلماء: إن الإمامية دهليز الباطنية.. وهذا هو التفسير المعقول لما نلاحظ من التقارب الشديد بين الباطنية والرافضة( ).
وقال ابن كثير في حوادث سنة (278هـ): وفيها تحركت القرامطة, وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون بنبوة زرادشت مزدك, وكانوا يبيحون المحرمات, ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل, وأكثر ما ينقادون من جهة الرافضة ويدخلون إلى الباطل من جهتهم؛ لأنهم أقل
الناس عقولاً ويقال لهم: الإسماعيلية لانتس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://newmultkaschool.yoo7.com
 
الدولة الفاطمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أخبار الدولة العباسية
» الدولة البيزنطية قبل الإسلام د.أكرم ضياء العمري
» الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط
» الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
newmultkaschool :: الأقسام التاريخية :: قسم التاريخ الاسلامى-
انتقل الى: