قيام إسرائيل بين أكذوبة الوعد الإلهي والاستعمار الغربي
المؤلف: محمد علي الحسيني.البقاعي
الفصل الأول
1 ـ لمحة تاريخية :
إنّ المؤمنين لهم أعداء ؛ لأنّ المؤمنين هم الحق وغيرهم الباطل ، هم الإيمان وغيرهم الكفر ، هم النور وغيرهم الظلام ، وأشدّ أُولئك الأعداء هم اليهود ( [1]) ، قال تعالى :
) لتجدَنَّ أشدَّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود(.
) لعن الذين كفروا من بني اسرئيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (
) فبما نقضهم ميثاقهم (
) وكفرهم بآيات الله (
) وقتلهم الأنبياء بغير حق (
) وقولهم قلوبنا غلف .. (
) وبكفرهم (
) وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً (
) وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله .(
) وبصدهم عن سبيل الله كثيراً (
) وأكلهم الربوا وقد نهوا عنه (
) وأكلهم أموال الناس بالباطل (
) وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً (
فإن اليهود عداوتهم أصيلة مجبولة مع أرواحهم الشريرة ضد المؤمنين، بل ضد بني البشر من غيرهم ، كما جاء ذلك في القرآن الكريم وروايات الأئمة الميامين( [2]) والتاريخ يؤكّد ذلك من خلال تكذيب الأنبياء والوشاية عليهم ـ كما حصل مع النبي عيسى والنبي محمدe( [3]) ـ وقتلهم للأنبياء وللأوصياء ـ كقتل يحيى ابن زكريـا وأشعيـا النبي ـ( [4]) فضلاً عن صفات الخداع والربا والخيانة والفسق والفجور وإشعال الفتن( [5]) وإضافة إلى تحريف الكُتب السماوية( [6]) ، بل كتابة الكتب والادعاء بأنّها من عند الله ليشتروا بها ثمناً قليلاً كما وصفهم القرآن في سورة البقرة :79 ) فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ( ولا يخفى أن اليهود قد يتظاهرون بدخولهم في الأديان الأخرى كالمسيحية ـ كشاؤول بل بولس الصهيوني الأول المتعصب بلباس مسيحي كان يسطو على الكنيسة ويدخل بيتاً فبيتاً ويجر الرجال والنساء ويسلمهم إلى السجن فضلاً عن تشويه الديانة المسيحية( [7]) ـ والإسلام ـ كالصهيوني الأول الذي تستر بالإسلام وهو كعب الأحبار وغيره ـ ( [8]) بغية إيجاد الانحراف والتشويه في ذلـك الـدين لتهديـمه ( [9]) وهذا قليل من كثير مما فعله اليهود المنحرفون شعب الشيطان المختار( [10]).
________________________________________
الفصل الثاني
2 ـ الحقوق المدَّعاة :
الوعد الإلهي والحق القانوني وأُسطورة شعب الله المختار أمور كان لها الدور الأساسي في إيجاد هذا الكيان الغاصب ـ دولة إسرائيل ـ هذا من جهة ومن جهة أخرى لتنفيذ أغراض وحماية مصالح الغرب وللتسلط على الأرض والشعب العربي المسلم ولنهب ثرواته ولتخويفه وتهديه ، وهنا سنحاول بيان زيف هذه الحقوق المدّعاة ونقوم بالرد عليها .
المدّعى الأول :
أ ـ الوعد الإلهي :
هذا الوعد المزعوم من قبل اليهود ، وهو أنَّ الله قد وعد النبي إبراهيمu بأنه سوف يعطيه الأرض من خلال هذا الخطاب الذي جاء في كتابهم ـ الذي أصابه تحريف وتبديل( [1]) ـ :
« وأعطيك أرض غربتك لك ولنسلك من بعدك جميع أرض كنعان ملكاً مؤبداً وأكون لهم إلهاً ـ »( [2]).« لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر وصر إلى نهر الكبير نهر الفرات »( [3])
فبهذا الوعد المزعوم يحق لهم ، بل تكون أرض فلسطين ـ الإسلامية العربية ـ ملكاً لهم، والرجوع إليها وإقامة الدولة فيها أمر طبيعي بمقتضى هذه الدعوة الإلهية المزعومة .
المدّعى الثاني :
ب ـ الحق القانوني :
إن بريطانيا وعدت اللورد روتشيلد ـ لم يكن ذا صفة دولية وإنما كان من أغنياء اليهود ــ سنة 2 / 11 / 1917م على لسان وزير خارجيتها آرثور جيمس بلفور:
« إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين الرضى إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وتبذل جهداً في سبيل ذلك »( [4]) .
فدعوى اليهود وأسيادهم أن لهم حقاً قانونياً بإقامة دولة يهودية إنّما جاء من خلال هذا الحق ـ الباطل والفاسد ـ الذي تبرع فيه بلفور وأسياده من كيس ومن أرض غيرهم ومنحوا الأرض التي لا يملكونها ، بل لم يكونوا فيها أصلاً .
المدّعى الثالث :
ب ـ الشعب المختار :
يدّعي اليهود أنهم هم الشعب الذي اختاره الله وأسكنهم في صهيون وهذا بالاستناد إلى النص التوراتي ــ المحرف ــ كما يزعمون :
« لأنك شعب مقدس للرب إلهك وإياك اصطفى الرب إلهك أن تكون له أمة خاصة من جميع الأُمم التي على وجه الأرض »( [5]) .
فبهذه الأساطير يتم الضحك على القاصرين لجلبهم إلى فلسطين وتحقيق أهداف المستعمرين .
________________________________________
الفصل الثالث
3 ـ دور الاستعمار :
صار لا يخفى على أقل متتبع وملتفت أن الكيان الصهيوني الغاصب ليس دولة بالمعنى الصحيح ، بل أنه كيان مؤلف من شعوب مختلفة لقيطة ، وعصابات مسلحة وجيش مرتزقة. وجد من أجل مصالح الغرب وحمايتها ، وفي نفس الوقت يكون مهدداً ومخوفاً للعرب وقاعدة وحليفاً وأداة بيد الغرب في المنطقة( [1]). يقول العلامة السيد عادل العلوي:
« فالاستعمار والاستكبار العالميان أوجدا على أرض فلسطين المظلومة عصابة مسلّحة من اليهود أطلقوا عليها اسم دولة إسرائيل ، تستنزف موارد الشعوب تحت قيادة الولايات المتّحدة الأمريكية على الوجود العربي والإسلامي ، فإسرائيل ربيبة الاستعمار وجيشه في المنطقة لحماية مصالحه وضرب القوى الوطنية والقتل والتشريد وتحجيم الزحف الإسلامي ، والصحوة الإسلامية بعد الحرب العالمية
________________________________________
المبحث الأول :
أ ـ الأرض المزعومة :
ما هي إلا أكذوبة كغيرها من الأكاذيب اصطنعها الاستعمار ، وأنتجتها الصهيونية العالمية لربط المشروع السياسي بالمعتقد الديني المزعوم ، فان الدين عندهم مسخَّر للهدف السياسي والمالي وللمصالح المتنوعة . لذلك نرى النصَّ الديني والفكر الديني عندهم يكونان في خدمة الهدف السياسي وخدمة الهدف السياسي قد يستلزم أحيانا تحريف النص أو تحريف المفهوم الديني . لذا يقول الكاتب والباحث في الصهيونية روجيه غارودي :
« كل الزعماء الإسرائيليين الصهاينة ـ سواء سمُّوا أنفسهم يمينيين أو يساريين أو كانوا أعضاء في حزب العمال أو في حزب ليكود أو ناطقين باسم الجيش أو من الحاخامات يستعينون بذريعة توراتية تساعدهم على الزعم بأن لهم حقاً إلهياً في ملكية أرض فلسطين»( [1]).
وإذا عدنا إلى النصوص التوراتية المزعومة والمتناقضة لوجدنا أنها ترد على بعضها البعض وتفند نفسها بنفسها . فبينما أعطت بعض النصوص اليهود حقا في أرض فلسطين ـ كما يزعمون ـ بل أكثر من ذلك من النيل إلى الفرات كما جاء في كتابهم :
« لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير »
على أنها كميراث طبقا لعهد الرب ووعده للنبي إبراهيم u تظهر نصوص أخرى تنسخ ـ على فرض الصحة ـ وتنفي عن اليهود هذا الميراث وتفند مزاعمهم بأنّهم ورثة النبي إبراهيم u ، وهذا هو النص الصريح :
« يا ابن آدم إن الساكنين في هذه الخرب في أرض إسرائيل يتكلمون قائلين إن إبراهيم كان واحداً وورث الأرض ونحن كثيرون لنا أعطيت الأرض ميراثاً لذلك قال لهم : هكذا قال السيد الرب تأكلون بالدم وترفعون أعينكم إلى أصنامكم وتسفكون الدم . افترثون الأرض وقفتم على سيفكم فعلتم الرجس وكل منكم نجس امرأة صاحبه افترثون الأرض »( [2]) .
فبهذا نص صريح يثبت أن الله حرم على اليهود ارث الأرض لعدم جدارتهم بها لماذا ؟ لأنهم سفكوا الدم وأكلوا بهذا أموال الناس بالظلم والعدوان ، واغتصبوا حقوقهم وارتكبوا المعاصي وعبدوا الأصنام وآلهة أخرى ، وتركوا عبادة الله ، وفعلوا الفواحش والكبائر ، حتى الوصايا فهل يستحق هذا الشعب المختار ميراث النبي إبراهيم u ؟؟؟ .
كلاّ فإن الأرض لله يرثها الصالحون المطيعون من عباده .
ونضيف أيضاً أن هناك نصوصاً توراتية تنص على أن اليهود تركوا الوصايا واقترفوا المعاصي فان وعد الله ـ المزعوم ـ بامتلاكهم الأرض قد انتهى ؛ لأنه مشروط بالطاعة وتنفيذ ما جاء في شريعة الله . فالوعد تحول إلى وعيد بالعقاب والانتقام كما في النص :
« لأنّنا تركنا وصاياك التي أوصيت بها عن عبيدك الأنبياء»( [3]).
ونص آخر يثبت أن اليهود خرجوا عن طاعة الله فلم يعد لهم عهد عند الله ولا وعد بامتلاك الأرض كما يزعمون :
« أيها الرب الإله العظيم المهاب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه ، أخطأنا وأثمنا وعملنا الشر وتمردنا وحدنا عن وصاياك وعن أحكامك ، وما سمعنا من عبيدك الأنبياء »( [4]) .
هذا من جهة ومن جهة أُخرى نرى أنّه من العجيب والغريب أن اليهود يحصرون نسل النبي إبراهيم u فيهم ـ هذا مع وجودهم ـ فيضيع حق النبي إسماعيل u ويصير نسياً منسياً ظلماً وزوراً وبهتاناً من هذه الفئة الشيطانية الضالة الملعونة اليهود .
مع العلم أننا لو تأملنا قليلاً لعلمنا أنَّ النبيّ إسماعيل u هو الابن البكر
« لك فيه ، ها أنا أُباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا » .
فمن هذا النص يتبيَّن لنا أن النبي إسماعيل u مبارك من الله وذلك باعتراف اليهود في كتابهم ، ولا ننسى أن النبي إسماعيل يرث النبي إبراهيم u أيضا كما جاء في كتابهم :
« وابن الجارية أيضا يرث واجعله أُمَّة ؛ لأنّه من نسلك »( [5]) .
وبهذا النص يحفظ لإسماعيل u حق الإرث لأنه من نسل إبراهيم، ولا ننسى أن النبي إسماعيل أيضا امة عظيمة كما نص كتابهم :
« قومي واحملي الغلام وشدي يدك لأني سأجعله أُمّة عظيمة»( [6]).
أمَّا القرآن الكريم ففيه الكثير من الآيات المباركة الكريمة التي تتحدث عن النبي إسماعيل u ( البقرة : 136 ) .
وأخيراً ويقول العلامة العلوي :
« إن زعم إسرائيل أنّ فلسطين أرض اليهود كذب وافترا على التأريخ، فإنّه لو رجعنا إليه لرأينا ليس اليهود إلاّ فئة قليلة على طول التأريخ ، إنّما المسلمون العرب هم الذين كانوا يقطنون فلسطين بعد فتحها ، وبقيت إسلامية عربية منذ أربعة عشر قرناً ، وبصورة دائمة حتّى قيام إسرائيل »( [7])
فهذا اختصار أكذوبة أرض الميعاد ، فقد خاب ظنّهم وطاش سهمهم فإن الأرض لله يرثها عباده الصالحون لا المفسدون كاليهود الشياطين الذين قال عنهم الله في كتـابه الكريم في سورة آل عمران : )ضربت عليهم الذلّة أين ما ثقفوا إلا بحبلٍ من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضبٍ من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ( .
إشارة وتنبيه:
إن الذي يسمع ويقرأ عن الوعد الإلهي وأرض الميعاد ، يظن أن هرتزل أو بن غريون أو بيغن هم أكثر اليهود تعلقاً وإيمانا بالتوراة، وهم يؤمنون بها ويعملون بأمرها، ولكن لو تتبعنا أقوالهم وسيرتهم لوجدناهم أكثر الناس إلحادا وشركاً وإتباعا للشيطان بكل ما لديهم من قوة فلا يغرك ما يقولون فقد كبر قولهم مقتاً عند الله ( [8])
يتبع باقي الموضوع